من هو تنظيم خراسان ويكيبيديا
لحرب القائمة اليوم بين «التحالف الدولي»، بقيادة واشنطن، من جهة، وبين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من الجهة الأخرى، وضعت تنظيم «القاعدة العالمي» بقيادة الظواهري أمام خيارات صعبة ومحددة تجاه الموقف من هذه الحرب، فأميركا هي العدو الأول لـ«القاعدة» التي يجب قتالها واستهداف مصالحها، وتنظيم «داعش» المتمرد من عبائتها يشكل أكبر وأخطر تهديد لها على زعامة وقيادة تنظيم الجهاد العالمي.
مصالح القاعدة قد تتقاطع مع قوى التحالف بإضعاف دولة البغدادي بأيدٍ غربية بدلاً من المواجهات المباشرة مع مسلحي تنظيم «داعش»، وفي كل الأحوال -وكما كان متوقعاً قبل شن الضربات العسكرية على داعش- فإن موقف قيادة التنظيم العالمي للجهاد في ظل تعقيدات هذا الموقف وتباين المصالح هو اللوذ بالصمت والسعي في تحييد القاعدة عن هذه الحرب، لتجب إلحاق المزيد من الأذى ومحاولة إعادة بناء وبث الروح في تنظيم القاعدة الذي فقد الكثير من شعبيته في الأوساط الجهادية، بسبب الظهور الطاغي لداعش. صمت القيادة المركزية لم يمنع فرعين للقاعدة من الإعلان عن موقفها من الحملة العسكرية، إذ دعا تنظيما «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، «المجاهدين» إلى الوحدة في وجه ما وصفاها بـ«الحملة الصليبية» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، انطلاقاً من مقولة لأسامة بن لادن «لا تشاور أحداً في قتال الأميركان».
إعلان كان ظاهره الدعوة للتوحد والوقوف ضد الحملة العسكرية، ولكن القارئ لما بين السطور يتلمس تضمن الإعلان انتقادات غير مباشرة لـ«داعش»، من ذلك تأكيده منذ بدايته على الإدانة الشديدة لما جرى من اقتتال بين المجاهدين وما نتج وتسبب عنه. ومن المعروف أن «القاعدة» تحمَّل «داعش» مسؤولية ذلك الاقتتال الداخلي، ولكن تظل محاولة تحييد «القاعدة» عن هذه الحرب وما سبقها من خطوات من جبهة النصرة ذراع القاعدة في سورية بالإفراج عن الرهينة الأميركي بيتر كورتيس، والإفراج عن 40 من أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كانت تحتجزهم في هضبة الجولان، في مقابل رفع اسم الجبهة من قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، غير ذا جدوى، كون التحالف الدولي أعلن في أكثر من مناسبة أن الحملة تستهدف أيضاً جماعات أخرى غير «داعش»، في إشارة ضمنية إلى «القاعدة»، وهو ما جرى بالفعل، إذ تم استهداف مواقع ومقار تابعة لجبهة النصرة قُتل فيها العشرات، وقد توعدت «النصرة» بالرد بعد تلك الضربات على لسان متحدثها أبو فراس السوري بالرد والانتقام من دول التحالف، وهو ما يفتح باب التكهنات عن مدى إمكان حصول التنسيق وإحداث نوع من التقارب بين «النصرة» و«داعش» وتنحية الخلافات بينهما، لمواجهة ضربات التحالف الدولي في الأيام المقبلة.
أما ما يتعلق بجماعة خراسان التنظيم الذي أعلنت الولايات المتحدة القضاء على زعيمها الكويتي محسن الفضلي، واعتبرتها تمثل التهديد الأكثر خطورة عليها وعلى المصالح الغربية، فقد كانت هذه الجماعة محط بحث وتساؤل من الكثيرين من الإعلاميين المتخصصين في شؤون الجماعات الجهادية المسلحة في سورية الذين لم يسمعوا بهذه التسمية من قبلُ طوال السنوات الماضية، ومما زاد الاستنكار والاستغراب كونها هي الأكثر تهديداً، فجماعة بهذه الخطورة كيف يخفى اسمها وتأثيرها ونشاطها، ولاسيما أن هذه المجموعة بهذا الاسم ليس لها ذكر إلا قبل أيام من بدء غارات التحالف الدولي على لسان مدير جهاز الاستخبارات الأميركي، وهو ما كان مصدر تشكيك لدى الكثيرين حول وجود هذه الجماعة وكونها مجرد اختراع أميركي. وهؤلاء قد يكونون محقين من ناحية وجود كيان وتنظيم معروف أو متداول بهذا المسمى، ولكن المقصود على ما يبدو في تلك الأخبار هو ما يتعلق بتشكيلة محدودة العدد تضم عشرات المقاتلين القدامى التابعين لتنظيم القاعدة في إقليم خراسان (أفغانستان وباكستان) وهو المسمى الإسلامي المتداول في رسائل وأدبيات قادة وشرعيي القاعدة، وبالتتبع والرصد نجد أن محسن الفضلي قائد تلك المجموعة قد تولى زعامة تنظيم القاعدة في إيران عامين (2011-2012) وكان يقوم بدور تمويل «القاعدة» في العراق، وحينها أعلنت الولايات المتحدة رصدها جائزة مالية قدرها 12 مليون دولار مكافأةً لمن يساعدها في القبض على شخصين يقيمان في إيران ويمولان تنظيم القاعدة، وكلاهما مطلوب لدى الجهات الأمنية السعودية والكويتية، وهما محسن الفضلي المسؤول عن تمويل القاعدة وتسهيل عملياتها، ونائبه عادل الحربي، ويظل السؤال المهم: هل هناك أية معلومات أو مصادر تشير إلى طبيعة الدور الخطير للفضلي بسورية؟ وعن مكانته ونشاطه ومتى قدم إليها، قبل ذكر الاستخبارات الأميركية له؟
لعل الإجابة عن هذا السؤال تكمن في تقرير خاص أعدته إحدى الصحف الكويتية في 22 آذار (مارس) 2014 أي قبل ما يزيد على ستة أشهر من الآن، أشارت فيه من خلال مصادر خاصة إلى أن الفضلي يعتبر حالياً الممثل الشخصي في سورية لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وموضع ثقة قيادة «القاعدة المركزية»، وقد انتقل إليها من إيران إلى سورية في نيسان (أبريل) عام 2013، ولعب حينها دوراً بارزاً في انحياز الظواهري إلى جانب «جبهة النصرة» في خلافها مع تنظيم داعش، واعتباره الذراع الرسمي لـ«القاعدة» في سورية، وتولى إنشاء مجموعة جهادية منتقاة من الشباب الأوروبيين وتدريبهم على تنفيذ عمليات إرهابية في الدول الغربية، فخطر هذه المجموعة يكمن في إستراتيجيتها وأهدافها التي تتخذ من سورية أرضاً تنطلق منها لتنفيذ عمليات في الخارج، وارتباطها بإبراهيم العسيري خبير وصانع المتفجرات في تنظيم القاعدة في اليمن، وما نشر في ذلك التقرير يتوافق كثيراً مع المعلومات التي سُربت أخيراً عن هذه المجموعة.